فصل: سورة الزمر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (75):

{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)}
{ياإبليس}
(75)- وَقَالَ الرَّبُّ الكَرِيمُ لإِبْلِيسَ: مَا الذِي مَنَعَكَ مِنَ السُّجُودِ لآدَمَ الذِي خَلَقْتُهُ بِيَدِي، هَلِ اسْتَكْبَرْتَ عَنْ إِطَاعَةِ أَمْرِي؟ أَمْ كُنْتَ مِنَ المُتَعَالِينَ الذِينَ لا يَخْضَعُونَ لأَمْرِي؟
العَالِينَ- المُسْتَحِقِّينَ لِلْعُلُوِّ والرِّفْعَةِ.

.تفسير الآية رقم (76):

{قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76)}
(76)- وَأَجَابَ إِبْلِيسُ رَبَّهُ الكَرِيمَ: إِنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لآدَمَ لأَنَّ اللهَ خَلَقَهُ مِنْ نَارٍ، بَيْنَمَا خَلَقَ آدَمَ مِنْ طِينٍ، وَفِي ظَنِّ إِبْلِيسَ أَنَّ النَّارَ خَيْرٌ مِنَ الطِّينِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الأَعْلَى لا يَسْجُدُ لِلأَدْنَى.

.تفسير الآية رقم (77):

{قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77)}
(77)- فَأَصْدَرَ اللهُ تَعَالَى امْرَهُ إِلَى إِبْلِيسَ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنَ الجَنَّةِ (أَوْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ)، مَلْعُوناً مَطْرُوداً مِنْ رِحْمَةِ اللهِ.
رَجِيمٌ- مَطْرُودٌ مِنْ رِحْمَةِ اللهِ تَعَالَى.

.تفسير الآية رقم (78):

{وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78)}
(78)- وَإِنَّ لَعْنَةَ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ سَتُلازِمُهُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، يَوْمِ البَعْثِ والنُّشُورِ، وَفِي ذَلِكَ اليَومِ يَجْزِي اللهُ إِبْلِيسَ بِكُفْرِهِ وَتَعَالِيهِ عَلَى أَمْرِ رَبِّهِ.

.تفسير الآية رقم (79):

{قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79)}
(79)- وَسَأَلَ إِبْلِيسُ رَبَّهُ أَنْ يُنْظِرَهُ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ، وَأَنْ لا يُمِيتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِيَنْتَقِمَ مِنْ آدَمَ وَذُرِّيَتِهِ، وَلِيُحَاوِلَ إِضْلالَهُمْ، كَمَا كَانَ آدَمُ سَبَبَ مَا لَحِقَ بِهِ مِنْ طَردٍ، وَلَعْنَةٍ وَغَضَبٍ مِنَ اللهِ.
فَأَنْظِرْنِي- أَمْهِلْنِي وَلا تُمِتْنِي.

.تفسير الآية رقم (80):

{قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80)}
(80)- وَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَمَشِيئَتُهُ أَنْ يُجِيبَ إِبْلِيسَ إِلَى مَا سَأَلَهُ مِنْ النَّظِرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنَ المُنْظَرِينَ المُمْهَلِينَ.

.تفسير الآية رقم (81):

{إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81)}
(81)- إِلَى اليَومِ الذِي حَدَّدَهُ اللهُ مُوْعِداً لِمَوتِ الخَلائِقِ ثُمَّ لِبَعْثِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ، وَهُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ.
يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ- يَوْمِ القِيَامَةِ.

.تفسير الآية رقم (82):

{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)}
(82)- وَبَعْدَ أَنْ اسْتَوثَقَ إِبْلِيسُ مِنْ وَعْدِ اللهِ تَعَالَى لَهُ بِالنَّظِرَةِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، كَشَفَ عَمَّا كَانَ يَسْتَهِدفُهُ مِنْ سُؤَالِهِ رَبَّهُ النَّظِرَةَ والإِمْهَالَ، فَأَقْسَمَ بِعَزَّةِ اللهِ تَعَالَى وَجَلالِهِ عَلَى أَنَّهُ سَيُضِلُّ جَمِيعَ ذُرِّيَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَيُغُوِيهمْ.
فَبِعِزَّتِكَ- أُقْسِمُ بِسُلْطَانِكَ وَجَبَرُوتِكَ.
لأُغْوِينَّهُمْ- لأَضِلَّنَّهُمْ بِتَزْيِينِ المَعَاصِي لَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (83):

{إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)}
(83)- وَلا يَسْتَثْنِي إِبْلِيسُ مِنَ الذِينَ سَيُحَاوِلُ إِغْوَاءَهُمْ إِلا عِبَادَ اللهِ المُخْلَصِينَ المُتَّقِينَ، لأَنَّهُ لا سُلْطَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ.

.تفسير الآية رقم (84):

{قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84)}
(84)- فَأَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ الحَق دَائماً.

.تفسير الآية رقم (85):

{لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)}
(85)- لَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ سَيَمْلأُ جَهَنَّمَ مِنْ إِبْلِيسَ وَذُرِّيتِهِ، وَمِمَّنْ يَتَّبعُ غَوَايَةَ الشَّيْطَانِ وَحَبَائِلَهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ، فَيُضِلُّهُ الشَّيْطَانُ عَنْ طَرِيقِ اللهِ القَوِيمِ.

.تفسير الآية رقم (86):

{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)}
{أَسْأَلُكُمْ}
(86)- وَقُلْ يَا مُحَمَّدُ لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ: إِنَّنِي لا أَسْأَلُكُمْ أَجْراً عَلَى مَا أَقُومُ بِهِ مِنْ إِبلاغِكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي، وَإِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّنِي لا أَتَكَلَّفُ مَا لَيْسَ عِنْدِي حَتَّى أَدَّعِيَ النُّبُوَّةَ، ولا أَتَقَوَّلُ القُرْآنَ.
المُتَكَلِّفُ- الذِي يَدَّعِي مَعْرِفَةَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ: وَالمُتَصَنِّعُ المُتَقَوِّلُ عَلَى اللهِ.

.تفسير الآية رقم (87):

{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87)}
{لِّلْعَالَمِينَ}
(87)- وَمَا هَذَا القُرْآنُ إِلا عِظَةً لِلْعَالَمِينَ كَافَّةً مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ.

.تفسير الآية رقم (88):

{وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)}
(88)- وَإِذَا أَصْرَرْتُمْ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ العِنَادِ والجَهْلِ، وَأَبَيْتُمْ إِلا الإِقَامَةَ عَلَى الكُفْرِ والشِّرْكِ والضَّلالَةِ، وَمَا وَجَدْتُمْ عَلَيهِ آبَاءَكُمْ، فَسَتَعْلَمُونَ حِينَمَا يَنْزِلُ بِكم المَوتُ، إِنْ كُنْتُمْ عَلى حَقٍّ فِي إِعْرَاضِكُمْ وَضَلالِكُمْ، أَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ مُخْطِئِينَ.
نَبَأَهُ- صِدْقَ أَخْبَارِهِ.

.سورة الزمر:

.تفسير الآية رقم (1):

{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)}
{الكتاب}
(1)- هَذَا الكِتَابُ العَظِيمُ (أَيْ القُرْآنُ) مَنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ، المَنِيعِ الجَانِبِ (العَزِيزِ)، الحَكِيمِ فِي شَرْعِهِ وَقَدَرِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَهُوَ الحَقُّ الذِي لا شَكَّ فِيهِ وَلا مِرْيَةَ.

.تفسير الآية رقم (2):

{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)}
{الكتاب}
(2)- إِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الذِي أَنْزَلَ إِلَيْكَ القُرْآنَ (الكِتَابَ) آمِراً بِالحَقِّ وَالعَدْلِ الوَاجِبِ اتِّبَاعُهُمَا، والعَمَلُ بِهِمَا، فَاعْبُدْهُ يَا مُحَمَّدُ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ والعِبَادَةَ، وَادْعُ الخَلْقَ إِلَى ذَلِكَ.
مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ- مُمَحِّضاً لَهُ الطَّاعَةَ والعِبَادَةَ.

.تفسير الآية رقم (3):

{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)}
{كَاذِبٌ}
(3)- أَلا للهِ وَحْدَهُ العِبَادَةُ والطَّاعَةُ، وَلا شَرِكَةَ لأَحَدٍ مَعَهُ فِيهِمَا، لأَنَّ كُلَّ مَا دُونَهُ هُوَ مُلْكٌ لَهُ، وَعَلَى المَمْلُوكِ طَاعَةُ مَالِكِهِ، وَعَلَى العَبْدِ أَنْ يُخْلِصَ العِبَادَةَ للهِ، والذِينَ يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ مِنَ المُشرِكِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الذِي يَحْمِلُهُمْ عَلَى عِبَادَتِهَا هُوَ أَنَّهُمْ مَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَصْنَامِ المَلائِكَةَ، فَعَبَدُوا تِلْكَ الصُّورَ تُنْزِيلاً لَهَا مَنْزِلَةَ المَلائِكَةِ، لِيَشْفُعُوا لَهُمْ عِنْدَ اللهِ فِي حَاجَاتِهِمْ.
وَكَانَ المُشْرِكُونَ يُبَرِّرُونَ عِبَادَتَهُمْ لِمَنْ هُمْ دُونَ اللهِ بِأَنَّ الإِلَهَ الأَعْظَمَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَعْبُدَهُ البَشَرُ مُبَاشَرَةً، فَهُمْ يَعْبُدُونَ هَذِهِ الآلِهَةَ، وَهِيَ تَعْبُدُ الإِلَهَ الأَعْظَمَ. واللهُ تَعَالَى يَحْكُمُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خُصُومِهِمْ، مُتَّبِعِي الحَقِّ وَسُبُلِ الهُدَى، فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ، وَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ بِعَمَلِهِ.
وَاللهُ تَعَالَى لا يُرْشِدُ إِلَى الحَقِّ مَنْ هُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ، فَيْزْعُمُ أَنَّ لَهُ وَلَداً أَوْ صَاحِبَةً. تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً.
زُلْفَى- تَقَرُّباً.

.تفسير الآية رقم (4):

{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)}
{سُبْحَانَهُ} {الواحد}
(4)- لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَكَانَ الأَمْرُ عَلَى خِلافِ مَا يَزْعُمُونَ، وَلَمَا رَضِيَ إِلا بِأَكْمَلِ الأَبْنَاءِ، فَكَيْفَ نَسَبَ هَؤُلاءِ الجَهَلَةُ المُشْرِكُونَ إِلَيْهِ البَنَاتِ؟ وَلَكِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً، وَلا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً عَمَّا يَقُولُونَ وَيَأْفِكُونَ، وَعَمَّا يَنْسُبُونَ إِلَيهِ فَهُوَ الوَاحِدُ الأَحَدُ، الذِي قَهَرَ كُلَّ شَيءٍ، فَدَانَتْ لَهُ الخَلائِقُ وَذَلَّتْ.
سُبْحَانَهُ- تَنْزِيهاً لَهُ عَنِ اتِّخَاذِ وَلَدٍ.

.تفسير الآية رقم (5):

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)}
{السماوات} {الليل} {الغفار} (5)- خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ وَمَا فِيهِما عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، وَأَبْدَعِ نِظَامٍ، وَجَعَلَهَا قَائِمَةً عَلَى الحَقِّ والصَّوَابِ، وَالحِكَمِ وَالمَصَالِحِ، يُتْبِعُ اللَّيْلَ النَّهَارَ، وَيُتْبعُ النَّهَارَ اللَّيْلَ، فَهُمَا مُتَعَاقِبَانِ مُتَلازِمَانِ لا يَفْتَرِقَانِ، وَجَعَل الشَّمْسَ والقَمَرَ يَجْرِيَانِ فِي مَدَارَيِهِمَا بِنِظَامٍ لا يَخْرُجَانِ عَنْهُ، وَجَعَلَهُمَا مُسَخَّرَين مُذَلَّلَيْنِ لإِرَادَةِ اللهَ تَعَالَى، وَيَسْتَمِرَّانِ فِي دَوَرَانِهِمَا إِلَى أَجَلٍ عَيَّنَهُ اللهُ لَهُمَا، هُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَنْتَهِي أَمْرُهُمَا. وَاللهُ هُوَ العَزِيزُ القَادِرُ عَلَى الانْتِقَامِ مِمَّنَ عَادَاهُ، وَهُوَ الغَفَّارُ الكَثِيرُ الغُفْرَانِ الذِي يَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبِ مَنْ تَابَ إِلَيهِ، وَرَجَعَ إِلَيهِ مُنيباً مُسْتَغْفِراً.
يُكَوِّرُ اللَّيلَ عَلَى النَّهَارِ- يَلفُّهُ عَلَى النَّهَارِ لَفَّ اللبَاسِ عَلَى اللابِسِ فَيَسْتُرُهُ فَتَظْهَرُ الظُّلْمَةُ.

.تفسير الآية رقم (6):

{خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)}
{وَاحِدَةٍ} {الأنعام} {ثَمَانِيَةَ} {أَزْوَاجٍ} {أُمَّهَاتِكُمْ} {ظُلُمَاتٍ}
(6)- وَقَدْ خَلَقَكُمْ اللهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَى اخِتْلافِ أَلْوَانِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ هِيَ آدَمُ، ثُمَّ خَلَقَ مِنْ آدَمَ حَوّاءَ، ثُمَّ بَثَّ مِنْهُمَا فِي الأَرْضِ رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً، وَخَلَقَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةِ أَزْوَاجٍ هِيَ التِي ذَكَرَهَا فِي سَورَةِ الأَنْعَامِ {مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين} أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ مِنْ كُلِّ صُنْفٍ ذَكَراً وَأُنْثَى، وَقَدَّرَكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ، فَيَكُونُ المَخْلُوقُ أَوَّلاً نُطْفَةً ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً، ثُمَّ يَخْلُقُ لَهُ لَحْماً وِعظَاماً وَأَوْعِيَةً، وَيَنْفَخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَيَصِيرُ خَلْقاً آخَرَ، فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ.
وَتَكُونُ الأَجِنَّةُ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهَا مُحَاطًةً بِأَغْشِيَةٍ ثَلاثَةٍ سَمَّاهَا اللهُ تَعَالَى، ظُلَمَاتٍ، وَهِذَهِ الأَغْشِيَةُ يَعْرِفُهَا الطِّبُّ، وَلا تَظْهَرُ إِلا بِالتَّشْرِيحِ الدَّقِيقِ، وَإِنْ بَدَتْ لِلْعَينِ وَكَأَنَّهَا غِشَاءٌ وَاحِدٌ (كَمَا يَقُولُ الدُّكْتُورُ عَبْدُ العَزِيزِ إِسْمَاعِيلُ)، (وَقِيلَ أَيْضاً إِنَّ هَذِهِ الظُّلُمَاتِ الثَّلاثَ هِي ظُلْمَةُ الرَّحِمِ، وَظُلْمَةُ المُشَيْمَةِ، وَظُلْمَةُ البَطْنِ)، وَذَلِكَ الخَالِقُ القَادِرُ عَلَى خَلْقِ الكَوْنِ وَتَدْبِيرِهِ، كَمَا بَيَّنَهُ لَكُمْ هُوَ اللهُ رَبُّكُمْ، لَهُ المُلْكُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لا إِلَهَ إِلا هُوَ، وَلا تَنْبَغِي العِبَادَةُ إِلا لَهُ، وَكَيْفَ تُصْرِفُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ تَعَالَى، مَعَ تَوَفِّرِ مُوجِبَاتِهَا وَدَوَاعِيهَا، إِلَى عِبَادَةِ غَيْرِهِ مِمَّا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيءٍ؟
أَنْزَلَ لَكُمْ- أَنْشَأَ وَأَحْدَثَ لأَجْلِكُمْ.
ظُلَمَاتٍ ثَلاثٍ- ظُلُمَاتِ المُشَيْمَةِ ذَاتِ الأَغْلِفَةِ الثَّلاثَةِ، أَوْ هِيَ ظُلَمَاتُ الرَّحِمِ، والبَطْنِ، وَالمُشَيْمَةِ.
فَأَنَّى تُصْرَفُونَ- فَكَيْفَ تُصْرَفُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ إِلَى مَا سِوَاهُ.